الاتحاد الأوروبي وإندونيسيا يتوصلان لاتفاق تجاري تاريخي وسط تصاعد التوترات التجارية العالمية

by hayatnews
0 comment

أحرز الاتحاد الأوروبي وإندونيسيا اختراقًا مهمًا في مفاوضاتهما التجارية بعد الإعلان يوم الأحد عن التوصل إلى اتفاق سياسي لدفع المفاوضات نحو إبرام اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA)، في خطوة يرى فيها المراقبون دفعة قوية للعلاقات الاقتصادية بين الطرفين، خاصة في ظل الأجواء المضطربة التي تشهدها التجارة العالمية بسبب السياسات الحمائية الأميركية.

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، عقب لقائها بالرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو في بروكسل: «في عالم متقلب، هذه هي قوة الشراكات». وأضافت: «نعيش في أوقات عصيبة، وعندما يلتقي عدم اليقين الاقتصادي بالتقلبات الجيوسياسية، يجب على شركاء مثلنا أن يتقاربوا أكثر. لذا نخطو اليوم خطوة كبيرة إلى الأمام في هذه الشراكة».

صفقة معقدة خلف الكواليس

الوفد الإندونيسي بقيادة الرئيس سوبيانتو وصل إلى بروكسل أواخر الأسبوع الماضي وسط أجواء من الترقب، حيث سعت جاكرتا لتأمين اتفاق يضمن دخول منتجاتها إلى السوق الأوروبية دون رسوم جمركية مرتفعة، وهو ما يُنظر إليه باعتباره أولوية استراتيجية بالنسبة لإندونيسيا لتعزيز صادراتها وتنمية اقتصادها.

وقال سوبيانتو في المؤتمر الصحفي المشترك: «بالنسبة لإندونيسيا، لا تقتصر اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة على التجارة فحسب، بل تشمل أيضًا العدالة والاحترام وبناء مستقبل متين معًا. نحن مستعدون لإنجاز الاتفاق قريبًا، بطريقة تعود بالنفع على شعبينا».

لكن الطريق إلى هذا الاتفاق لم يكن سهلًا، إذ تركزت واحدة من أعقد نقاط الخلاف بين الطرفين حول زيت النخيل، أحد أهم صادرات إندونيسيا. إذ ترى بروكسل أن هذه الصناعة ترتبط ارتباطًا مباشرًا بإزالة الغابات، وهو ما يتعارض مع أهداف الاتحاد الأوروبي البيئية والتزاماته في مكافحة التغير المناخي.

صرّحت فون دير لاين بهذا الخصوص قائلة: «زيت النخيل كان من أبرز العقبات، لكننا نعمل على إيجاد حلول توازن بين الاستدامة البيئية واحتياجات التنمية الاقتصادية لإندونيسيا. لا بد أن تكون التجارة جزءًا من الحل وليس جزءًا من المشكلة».

خلفية توترات أميركية

يأتي الاتفاق الأوروبي-الإندونيسي في توقيت بالغ الحساسية، إذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل يوم واحد فقط عن خطط لفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الواردات الأوروبية اعتبارًا من الأول من أغسطس المقبل، ما أثار قلق بروكسل وأعاد إلى الأذهان أجواء الحرب التجارية بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين في ولاية ترامب السابقة.

وقال دبلوماسي أوروبي تحدث لصحيفة بوليتيكو شريطة عدم الكشف عن هويته: «في الوقت الذي تغلق فيه الولايات المتحدة أبوابها أمامنا، من الضروري تنويع شراكاتنا التجارية، وإندونيسيا شريك مهم للغاية في هذا السياق». وأضاف: «نأمل أن يمنحنا تعليق تنفيذ الرسوم الأميركية فترة كافية للتفاوض على استثناءات أو حلول دبلوماسية».

رهانات اقتصادية واستراتيجية

بالنسبة للاتحاد الأوروبي، تمثل إندونيسيا سوقًا ضخمة يبلغ تعداد سكانها أكثر من 270 مليون نسمة، واقتصادًا ناميًا سريع النمو يُمكن أن يعزز صادرات الشركات الأوروبية، خصوصًا في قطاعات مثل السيارات، والآلات، والمنتجات الكيماوية.

في المقابل، تأمل جاكرتا في فتح أسواق جديدة لمنتجاتها الزراعية والصناعية، وفي الحصول على استثمارات أوروبية في مشروعات التنمية المستدامة والبنية التحتية. وأكد سوبيانتو: «يجب أن تدعم الاتفاقية جهودنا لتنمية صناعاتنا، وخلق فرص العمل، وتعزيز أهدافنا للتنمية المستدامة».

الطريق إلى اتفاق نهائي

ورغم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق سياسي، يبقى الطريق إلى توقيع الاتفاق النهائي طويلًا، إذ ستدخل المفاوضات الآن مرحلة صياغة التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالتعريفات، وشروط النفاذ إلى الأسواق، ومعايير الاستدامة البيئية.

وقالت فون دير لاين: «نحن مصممون على إنهاء هذا الاتفاق بأسرع ما يمكن. إنه ليس مهمًا اقتصاديًا فقط، بل أيضًا استراتيجيًا، لإظهار أن التجارة العادلة والمفتوحة لا تزال ممكنة حتى في أصعب الظروف».

من شأن هذا الاتفاق أن يُعيد رسم خريطة العلاقات التجارية الأوروبية في جنوب شرق آسيا، ويمنح الاتحاد الأوروبي فرصة لتعزيز حضوره في المنطقة، في وقت تتزايد فيه التوترات مع الولايات المتحدة والقلق من النزعة الحمائية على مستوى العالم.

You may also like

Leave a Comment