أفادت صحيفة بريطانية، بأن دولة الإمارات اعتقلت ناشطًا بارزًا في المجتمع المدني السوداني، بسبب انتقاداته العلنية لقوات الدعم السريع، في خطوة أثارت موجة من القلق على الصعيد الدولي حول دور الإمارات في النزاع الدائر في السودان.
وقالت صحيفة “ميدل إيست آي” إن السلطات الإماراتية اعتقلت نادر مريود، المتحدث باسم حركة لجان المقاومة في حي الصالحة بمدينة أم درمان السودانية، قبل أسبوعين، دون تقديم أي توضيح رسمي حول سبب اعتقاله.
وأوضح شقيقه، نزار مريود، أن المهندس نادر “اعتقل تعسفيًا منذ أكثر من أسبوعين”، مطالبًا بالإفراج الفوري عنه والسماح له بالوصول إلى محاميه، محذرًا من احتمال إساءة معاملته أثناء الاحتجاز.
وأدانت لجنة مقاومة الصالحة اعتقال نادر مريود، معتبرة أن توقيفه جاء بعد فترة قصيرة من إصدار الحركة بيانًا ينتقد قوات الدعم السريع، القوة شبه العسكرية التي تشارك في حرب ضارية مع الجيش السوداني منذ أبريل 2023.
ويأتي هذا الاعتقال ضمن سلسلة طويلة من الحجز التعسفي للناشطين السودانيين في السجون الإماراتية، بينهم مواطنون وأجانب، أبرزهم محمد فاروق سلمان، القيادي السابق في قوى الحرية والتغيير المؤيدة للديمقراطية، والذي تم اعتقاله منذ يناير الماضي في ظروف غامضة.
وتشكل قوات الدعم السريع، التي سيطرت على الحكومة المدنية الانتقالية في السودان بعد الانقلاب العسكري في 2021 بالتعاون مع الجيش، محورًا رئيسيًا في النزاع الدموي الذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، ونزوح نحو 13 مليون شخص.
وقد اتهمت منظمات حقوقية عدة، بما في ذلك الحكومة الأمريكية، قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية، خصوصًا في منطقة دارفور الغربية، حيث استهدفت المدنيين بالقتل والنهب والاعتداءات الجنسية.
وسلطت الصحيفة الضوء على سيطرة قوات الدعم السريع على حي الصالحة في الخرطوم، قبل أن يضطر الجيش لإخراجها منه في مايو الماضي، معتبرة أن سكان الحي عاشوا “عهد الإرهاب” خلال حكم القوات، بما في ذلك مذبحة راح ضحيتها 31 شخصًا على الأقل من إحدى القبائل.
وأشارت إلى أن تزايد التدقيق في دعم أبوظبي لقوات الدعم السريع جاء على خلفية الاستيلاء على مدينة الفاشر، وما تلاه من تقارير عن عمليات القتل الجماعي والفظائع التي ارتكبتها هذه القوات في مناطق عدة من السودان.
ورغم إنكار الإمارات تزويدها قوات الدعم السريع بالأسلحة، فإن تقارير مستقلة من الفاشر ومناطق أخرى في السودان فرضت ضغوطًا على المجتمع الدولي وحلفاء أبوظبي الرئيسيين لوقف أي تدفق للأسلحة والأموال إلى هذه الجماعة شبه العسكرية.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الأسبوع الماضي إن واشنطن على علم بأي دولة تقدم الدعم المالي أو العسكري للجماعات شبه العسكرية، مؤكدًا أن عدم وقف ذلك سيعود بالضرر على العالم.
كما ذكرت مصادر عربية وغربية أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، من المتوقع أن يضغط على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن دعم الإمارات لقوات الدعم السريع، وذلك بعد لقاءات مع قائد القوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان، الذي أكد أن إنهاء الحرب في السودان يعتمد على ضغوط أمريكية مباشرة على أبوظبي.
ويعكس اعتقال نادر مريود توجّهًا متصاعدًا لدى الإمارات لملاحقة الأصوات المعارضة لسياساتها في السودان، لا سيما تلك التي تنتقد الدعم المباشر لقوات الدعم السريع.
ويعتبر مراقبون أن هذه الخطوة تثير تساؤلات حول احترام حقوق الإنسان، ومساءلة الدول الممولة والمسلحة لهذه القوات، وسط نزاع مستمر يتسبب في معاناة ملايين المدنيين.
في الوقت نفسه، يحذر ناشطون حقوقيون من أن استمرار التجاهل الدولي للاعتقالات التعسفية في الإمارات، إلى جانب الدعم الخارجي للقوات شبه العسكرية في السودان، قد يعزز من إفلات المسؤولين عن الجرائم المرتكبة من العقاب، ويزيد من حدة الأزمة الإنسانية والسياسية في المنطقة.
ويؤكد هؤلاء أن الضغط الدولي، بما في ذلك من الولايات المتحدة وحلفائها، أصبح ضروريًا لوقف العنف وحماية المدنيين، وخصوصًا الناشطين الذين ينتقدون هذه السياسات علنًا.