ليوبليانا – في خطوة وُصفت بأنها “سابقة أوروبية”، أعلنت حكومة سلوفينيا، يوم الخميس 1 أغسطس، عن حظر شامل على تجارة الأسلحة مع إسرائيل، بما في ذلك تصدير واستيراد ونقل الأسلحة عبر أراضيها، وذلك على خلفية الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.
وبذلك تصبح سلوفينيا أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تقدم على فرض هذا النوع من العقوبات العسكرية ضد تل أبيب، متجاوزة الموقف الأوروبي الموحد الذي لا يزال مترددًا في اتخاذ إجراءات ملموسة تجاه إسرائيل رغم الانتقادات المتزايدة.
“الوقت لا يحتمل الانتظار”
قالت الحكومة السلوفينية في بيانها الرسمي: “يموت سكان غزة بسبب المنع الممنهج للمساعدات الإنسانية. في ظل هذه الظروف، من واجب كل دولة مسؤولة أن تتخذ إجراءً، حتى لو تطلّب ذلك اتخاذ خطوة استباقية”.
وبررت سلوفينيا قرارها بالقول إن “الاتحاد الأوروبي لم يتحرك بعد بسبب الانقسامات الداخلية والخلافات السياسية”، مؤكدة أنها قررت التصرف بشكل مستقل نظرًا لفشل بروكسل في اتخاذ إجراءات رادعة أو تعليق اتفاقيات التعاون مع إسرائيل حتى الآن.
حظر رمزي لكنه غير معزول
ورغم أن حجم تجارة الأسلحة بين سلوفينيا وإسرائيل ضئيل جدًا – إذ لم تُصدر ليوبليانا أي تصاريح تصدير عسكرية إلى إسرائيل منذ أكتوبر 2023 – إلا أن قرار الحظر يحمل دلالة سياسية قوية.
ووصفه محللون بأنه “رمزي لكنه جريء”، وقد يمهد الطريق أمام دول أوروبية أخرى لاتخاذ إجراءات مشابهة. وأشار مصدر رسمي إسرائيلي، لموقع Ynet الإخباري العبري، إلى أن “إسرائيل لا تشتري حتى دبوسًا من سلوفينيا”، في محاولة للتقليل من أهمية القرار.
مع ذلك، فإن الأوساط الدبلوماسية الأوروبية تنظر إلى الإجراء على أنه تحرك سياسي يمكن أن يضع ضغطًا معنويًا ومؤسساتيًا على شركاء الاتحاد الأوروبي الآخرين – لا سيما في ضوء تصاعد الإدانات الغربية مؤخراً تجاه سياسات إسرائيل في غزة.
سلوفينيا: رأس حربة النقد الأوروبي
لطالما تبنّت سلوفينيا موقفًا نقديًا صارمًا تجاه حكومة الاحتلال الإسرائيلي، مقارنةً ببقية دول الاتحاد. ففي وقت سابق، منعت ليوبليانا دخول وزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرف إلى أراضيها، لتكون أول دولة أوروبية تُقدم على مثل هذا الإجراء، وتبعتها هذا الأسبوع هولندا بمنع مماثل.
كما دعمت سلوفينيا مؤخرًا خطوات دبلوماسية أخرى تصب في صالح الفلسطينيين، ومن بينها التصويت لصالح الاعتراف بدولة فلسطينية، ودعم الدعوات الدولية لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة.
تصدّع الدعم الأوروبي لإسرائيل
يأتي التحرك السلوفيني في وقت تشهد فيه علاقات إسرائيل مع شركائها الأوروبيين تصدّعًا غير مسبوق. فقد أعلنت كل من فرنسا وكندا والمملكة المتحدة خلال هذا الأسبوع نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية، في ما اعتُبر صفعة دبلوماسية لتل أبيب.
وفي السياق ذاته، حثّت السويد الاتحاد الأوروبي على تعليق العلاقات التجارية مع إسرائيل، بسبب استمرار المجازر في قطاع غزة ومنع دخول المساعدات الإنسانية، فيما اقترحت المفوضية الأوروبية نفسها هذا الأسبوع تعليقًا جزئيًا لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل – وهي خطوة لم تحظَ حتى الآن بالإجماع بين الدول الأعضاء.
المزيد من الإجراءات في الطريق
لم تكتفِ سلوفينيا بالحظر العسكري، بل ألمحت حكومتها إلى أنها بصدد إعداد رزمة إضافية من الإجراءات العقابية ضد إسرائيل، من المتوقع الإعلان عنها خلال الأسابيع المقبلة. وقال متحدث باسم الحكومة إن “الالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان لا ينبغي أن يخضع لحسابات سياسية، وإن التخاذل المتواصل يشجّع على الإفلات من العقاب”.
ومع أن القرار السلوفيني لن يؤثر اقتصاديًا بشكل مباشر على إسرائيل، إلا أنه يوجّه رسالة قوية مفادها أن صبر بعض الدول الأوروبية بدأ ينفد، وأن استمرار المجازر ومنع الإغاثة في غزة قد يدفع بالمزيد من العواصم إلى كسر حاجز الصمت.
وتبقى الأنظار متجهة الآن نحو برلين وباريس وبروكسل: هل ستبقى هذه الخطوة السلوفينية معزولة؟ أم أنها بداية لانفراط عقد الدعم الأوروبي التقليدي لإسرائيل؟