كشف تقرير أكاديمي جديد أن المملكة المتحدة أنفقت أكثر من 38 مليار جنيه إسترليني على برامج استقبال المهاجرين خلال العقد الماضي، دون تحقيق نتائج فعالة في دمج الوافدين الجدد في المجتمع البريطاني، نتيجة ما وصفه التقرير بـ”سوء التنسيق وذهنية إدارة الأزمات”.
وأعد التقرير مشروع بحثي بجامعة أكسفورد بعنوان “التبادل العالمي بشأن الهجرة والتنوع”، وركّز على تحليل تكاليف برامج الترحيب بالمهاجرين بين عامي 2014 و2024. وقدّر التقرير الإنفاق المباشر بـ20 مليار جنيه من خلال 26 مصدر تمويل، لكنه أوضح أن التكلفة الحقيقية وصلت إلى 38 مليار جنيه بعد احتساب التضخم.
نهج قصير الأمد وتجاهل للتكامل
وانتقد التقرير النهج الحكومي المعتمد على “الاستجابة السريعة” في الأشهر الأولى بعد وصول اللاجئين من دول مثل سوريا وأفغانستان وأوكرانيا وهونغ كونغ، لكنه أشار إلى أن “الدعم ينخفض بشكل كبير بعد ذلك، مع غياب سياسات طويلة الأمد تضمن تكامل المهاجرين داخل المجتمعات المحلية”.
وقالت جاكلين برود هيد، مديرة المشروع البحثي، إن “الإنفاق كان مرتفعًا بشكل غير ضروري، في غياب خطط منسقة أو رؤية استراتيجية للاستفادة من هذا التمويل في بناء تماسك اجتماعي حقيقي”.
وأضافت:
“كان يمكن تقليص هذه التكاليف بشكل كبير من خلال التخطيط الأفضل، بما يسمح بتوفير موارد دائمة أكثر فاعلية للوافدين الجدد والمجتمع المضيف”.
توتر اجتماعي ومخاوف محلية
وأشار التقرير إلى أن فشل الحكومة في التعامل الفعال مع سياسات الهجرة أدى إلى توترات اجتماعية متزايدة، لا سيما بعد سلسلة من أعمال الشغب المعادية للمهاجرين خلال صيف 2024، والتي وقعت في مدن إنجليزية مثل إيبينغ وأثارت صدمة في الرأي العام.
وأوضح الباحثون أن الترحيب المنظم والمتكامل بالمهاجرين ضروري للحفاظ على قبول مجتمعي مستمر للهجرة، محذرين من أن غياب هذا القبول قد يُضعف التماسك الوطني ويعزز مشاعر العداء.
فوائد اقتصادية للهجرة
رغم الانتقادات، أشار التقرير إلى أن الهجرة تحمل أيضًا مكاسب اقتصادية مهمة. فقد ذكر أن زيادة صافية في الهجرة بمقدار 350 ألف شخص يمكن أن تخفّض صافي اقتراض الحكومة البريطانية بمقدار 7.4 مليار جنيه إسترليني بحلول عام 2028.
ودعا التقرير إلى تبني نموذج جديد للترحيب بالمهاجرين، يقوم على تدخلات استباقية لبناء بنية اجتماعية دائمة، بدلًا من الاكتفاء بإجراءات مؤقتة في ظل الأزمات.
جهود حزب العمال
ولفت التقرير إلى أن حكومة حزب العمال الحالية بدأت باتخاذ خطوات لمعالجة أوجه القصور التي تم تسليط الضوء عليها، مثل تحسين مواقع إسكان المهاجرين وتعزيز برامج اللغة والدعم النفسي والوظيفي.
وخلص الباحثون إلى أن “الاستثمار الذكي في الترحيب يحقق تأثيرًا إيجابيًا حقيقيًا”، داعين الحكومة إلى اعتماد سياسات أكثر اتساقًا وتخطيطًا، بما يدعم ليس فقط اللاجئين، بل المجتمعات المحلية التي تستقبلهم أيضًا.
ويأتي هذا التقرير في وقت تتصاعد فيه قضايا الهجرة على رأس الأجندة السياسية البريطانية، وسط ضغوط شعبية متزايدة ومخاوف من تنامي الخطاب المتطرف المناهض للوافدين.